الاثنين، 24 يناير 2011

لا عزاء لكم

قريباً ستضع بطولة كأس أمم آسيا لكرة القدم أوزارها، عندها سيكون هناك بطل وحيد، يعتلي العرش الآسيوي، آخر خطوات العبور لأعلى الهرم الأصفر ستبدأ اليوم، الموج الأزرق والأحمر من جهة، الزحف الأبيض والأصفر من جهة أخرى، كلٍ يبحث عن سبيله، لكي يحكم قبضته على الصولجان وتعتمر التاج الكبير لأربع سنوات قادمة.
كم هو مخجل أن تحتضن أرضٌ عربية هذا المحفل الكبير، في الوقت الذي أن أصحاب الدار وأشقاءهم كانوا أول المغادرين، من الباب الضيق، وفي هدوء وسكينة ركبوا السحاب ومخروا العباب عائدين أدراجهم محملين بالخيبة الأمل الكبرى، مما جعل بطولة الأمم غريبة في أرض الدوحة، لتتسابق الأمم القادمة من الشرق عليها، بينما يكتفي الأعراب بالتفرج عبر النوافذ.
ولكم كانت الآمال عريضة في أن يتمكن أحد منتخبات هذه المنطقة من حمل الراية، غير أن المشهد كان قاسياً، عندما تساقطت أوراق التوت تباعاً إلى أن تعرى الواقع العربي الكروي وظهر على حقيقته. حقيقة الفجوة بين الشرق والغرب، والهوة التي تفصل بين من يخططون ومن يترقبون "محاسن" الصدف.
العرب تهاووا تباعاً، ولا عزاء لهم اليوم، عندما يكون التنافس على أشده بين اليابانيين والكوريين من جهة، وبين الاستراليين والأوزبك من جهة أخرى، حينها سيتمنى كل عربي أن يكون منتخب بلاده بدلاً لهذا الطرف أو ذاك، عندها لن تفيد الآمال والأحلام، فمن تخاذل ومن تساهل ومن أهدر الفرص، ليس عليه اليوم سوى البكاء على لبنه المسكوب.
وقبل بداية الأدوار نصف النهاية اليوم، فإن الأفضل هو من استحق هذا الشرف الكبير. الرجل المناسب في المكان المناسب، لا أكثر ولا أقل، وجبة كروية دسمة يترقبها العالم أجمع، عندما يتواجه الجاران القادمان من أقصى المشرق، بينما ستعرف المواجهة الأخرى منافسة أشبه بتلك التي تجرى لمعرفة أقوى رجل في العالم.. وبين هذي وتلك نتمنى مشاهدة ممتعة لكم أيها العرب وانتم ترتشفون ما تبقى في الكأس من اللبن المسكوب.

عبدالله علاوي

لا تفرحوا.. فإنه عار!

لكم كان مشهداً محزناً.. أن ترى ممثل هذه الأرض الطيبة يغادر المحافل الكبرى، ويحزم الحقائب عائداً أدراجه، لكم هو محزن أن تحصد الإخفاق تلو الإخفاق، وأن تلامس ذلك الواقع المرير من قلب الحدث، حينها ستشعر بالألم الذي لا علاج له، والسقم الذي تتمنى أن يقضي عليك كي تتخلص من معاناتك.
أكثر ما هو محزن بحق.. هو أن الأحمر أخرج ما بجعبته في عنق الزجاجة، التي لم يتمكن من الخروج منها – للأسف الشديد – بعدما ترنح بعروضه الهزيلة في البدايات، قبل أن يكشف شيئاً من وجهه الحقيقي في النهايات، حينما لا تفيد الاستبسال في وقتٍ هو أشبه بالهامش في صفحة ملأتها النقاط السوداء والحمراء.
الجانب الآخر، كان شعور البعض بالرضا والفخر، عجباً أيكون شأن الخسارة اليوم عرساً لكم؟!، أم أنكم نسيتم ماضيكم المشرق وباتت بعض خيوط النور وسط الظلام الدامس تكفيكم؟!.. كيف تخليتم عن كبريائكم وأضحت الأنصاف والأرباع تشبعكم؟
من يفرح بالأداء عليه أن يعرف أنه العار.. صحيح أن الأحمر أحرج الرقم "1" ولكن أيكفي من كان قريباً من ملامسة النجوم أن يصعد فوق أعلى قمم الأرض؟.. أعيدوا حساباتكم واحتسبوا فإن وعورة الغد ستجعل منكم أقزاماً، بينما يناطح السحاب من هم من حولكم.
الرثاء والبكاء.. لن يكونا أنجع الحلول، بل العمل ثم العمل ثم العمل، هذا ما يجب على ساسة الأمور انتهاجه من سبيل، إذا ما أرادوا فجراً جديداً للكرة الحمراء، استيعاب الدروس وتصحيح وضع التروس، هو ما يمكن أن يجلب النور، فالاهتمام بالنشء والفتيان وتطوير البنى التحتية من الممكن أن يحرك العجلة، فتعاود منظومة المستديرة دورانها.
ونصيحة.. لا تحجموا من أحلامكم، وتطلعوا دائماً لما هو أفضل، فطلب المزيد لا يعني الجشع.. والآن شمس الصباح أشرقت.. ومعها غروب جديد للأحمر، فمتى تتلألأ النجوم في رابعة السماء؟


عبدالله علاوي