قريباً ستضع بطولة كأس أمم آسيا لكرة القدم أوزارها، عندها سيكون هناك بطل وحيد، يعتلي العرش الآسيوي، آخر خطوات العبور لأعلى الهرم الأصفر ستبدأ اليوم، الموج الأزرق والأحمر من جهة، الزحف الأبيض والأصفر من جهة أخرى، كلٍ يبحث عن سبيله، لكي يحكم قبضته على الصولجان وتعتمر التاج الكبير لأربع سنوات قادمة.
كم هو مخجل أن تحتضن أرضٌ عربية هذا المحفل الكبير، في الوقت الذي أن أصحاب الدار وأشقاءهم كانوا أول المغادرين، من الباب الضيق، وفي هدوء وسكينة ركبوا السحاب ومخروا العباب عائدين أدراجهم محملين بالخيبة الأمل الكبرى، مما جعل بطولة الأمم غريبة في أرض الدوحة، لتتسابق الأمم القادمة من الشرق عليها، بينما يكتفي الأعراب بالتفرج عبر النوافذ.
ولكم كانت الآمال عريضة في أن يتمكن أحد منتخبات هذه المنطقة من حمل الراية، غير أن المشهد كان قاسياً، عندما تساقطت أوراق التوت تباعاً إلى أن تعرى الواقع العربي الكروي وظهر على حقيقته. حقيقة الفجوة بين الشرق والغرب، والهوة التي تفصل بين من يخططون ومن يترقبون "محاسن" الصدف.
العرب تهاووا تباعاً، ولا عزاء لهم اليوم، عندما يكون التنافس على أشده بين اليابانيين والكوريين من جهة، وبين الاستراليين والأوزبك من جهة أخرى، حينها سيتمنى كل عربي أن يكون منتخب بلاده بدلاً لهذا الطرف أو ذاك، عندها لن تفيد الآمال والأحلام، فمن تخاذل ومن تساهل ومن أهدر الفرص، ليس عليه اليوم سوى البكاء على لبنه المسكوب.
وقبل بداية الأدوار نصف النهاية اليوم، فإن الأفضل هو من استحق هذا الشرف الكبير. الرجل المناسب في المكان المناسب، لا أكثر ولا أقل، وجبة كروية دسمة يترقبها العالم أجمع، عندما يتواجه الجاران القادمان من أقصى المشرق، بينما ستعرف المواجهة الأخرى منافسة أشبه بتلك التي تجرى لمعرفة أقوى رجل في العالم.. وبين هذي وتلك نتمنى مشاهدة ممتعة لكم أيها العرب وانتم ترتشفون ما تبقى في الكأس من اللبن المسكوب.
عبدالله علاوي